الفلسطينيون بين مطرقه حماس وسدان عباس - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


الفلسطينيون بين مطرقه حماس وسدان عباس وصواريخ إسرائيل ووعود إيران ونصرالله الفارغة
سعيد أبو صالح - 01\01\2009

يبدوا الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة كمن فقد البوصلة, كم يؤلمنا أن نرى الفلسطيني يموت ويدمر بيته في غزة نتيجة مهاترات ومزاودات قدمت لقادة حماس ليقوموا بدورهم لخدمة مخطط غريب لا يمت للعرب وفلسطين بصلة, كما قُدم قبله الشعب اللبناني. حتى أن قادة حماس استهتروا بكل أصدقائهم القدامى وتعالوا وتكبروا لأنهم آمنوا أنهم مدعومون بقوة من إيران وحزب الله. لسنا ضد المقاومة ولكن بالعقل, فمنذ قيام هذا الكيان المُغتصب وكلنا نقاوم الاحتلال، ولكن دائما بمراعاة موازين القوى التي لا تسمح لهكذا اقتتال مفتوح، نخرج منه دائما "منتصرين"، لأننا لم نتعود أبدا على النقد الذاتي، إنما عادتنا الأصيلة هي الاستهتار بعقول الشعب الذي يدفع دائما الثمن الغالي.
الفترة الوحيدة في تاريخ هذه الأمة التي استطعنا فيها تركيع إسرائيل هي فترة انتفاضة الحجر, التي قضت عليها محادثات أوسلو, أما الباقي فلا يتعدى مستوى المهاترات والكذب المفضوح.
كل المتآمرين على هذه الأمة يصبّون كامل قوتهم لدق الإسفين وشق الموقف العربي، وصدعه بصورة دائمة وابدية خدمة لمصالح إيران وإسرائيل، وإن كانتا متعاديتين، لكن براغماتية حكماء الفرس والصهاينة لن تمنعهم من اقتسام الغنيمة، بعد أن تصبحا الدولتين المهيمنتين في المنطقة، اللتان تملكان السلاح النووي.
فكل يوم يطلون علينا بعماماتهم السوداء ليأمروا بالعرب كما يشاؤون، وكأنهم الآمر الناهي في هذه المنطقة. فهم تارة يحرضون الشعوب ضد حكامهم وتارة يدعمون هؤلاء الحكام، إذا كانوا على ذوقهم, فما الفرق بين من اعترف بإسرائيل وأبرم معها اتفاقية سلام، بعد أن حصل على كل مطالبه، وبين من يفاوض إسرائيل بطريقه مباشره او غير مباشره؟ ألا يعني أنه مستعد للاعتراف بإسرائيل إذا حصل على مطالبه؟ وإلا فكل أشكال المفاوضات فارغة المعنى، لأن أساسها السلام والاعتراف المتبادل، وأما الشكلية (مباشرة أو غير مباشرة) فكلها للاستهلاك الإعلامي والـ "ضحك عالدقون".
فأما دعوات المتآمرين على الشعوب لتقوم ضد زعمائها، فلا يدل إلا على جهل وغرور لا مثيل له. وبهذا أثبت أنه منفصل انفصالاً تاماً عن واقع الشعب العربي. فكما كتب بعض المعلقين المصريين على مقالة نشرتها إيلاف: "نحن المصريين نحب الفلسطينيين فتح و السلطة و الله يرحمه عرفات، و أهل فلسطين فقط، لكننا لا نطيق حماس و لا حزب الله و لا الإخوان، و مؤخراً إيران و سوريا، لأن الشعب صار يفهم والله العظيم كل مصري (فيما عدا حفنة الإخوان العملاء بالطبع). الكل ثار لما رأى العلم المصري يحرق و يهان، و لما لقي رد الجميل بالإساءة من العرب لمصر، و لما رأى سب و شتم مصر و مبارك والتحريض ضده، والله العظيم بعض الشعب المصري لم يكن يظن أنه يحب مبارك، و لم يكن يظن أنه يحب مصر لهذه الدرجة، و لكن لما صار السيد حسن و غيره يتطاولون عليها، الشعب حتى الأميين و الفقراء و البسطاء توحدوا و صاروا يداً واحدة في مواجهة الأعداء. و الله ما كانت مصر ستتوحد حول مبارك و العلم و مصر مثلما حدث كرد فعل عكسي من تطاول الأعداء على مصر".
فليعرف كل من تسول له نفسه التدخل بشؤون الآخرين، أن هذا الشعب وإن كان مذلولاً من حكامه، لكنه يرفض ذلا جديداً ليس له إلا أجندة دينية مشبوهة, وإما أن يحرر نفسه بنفسه أو يموت تحت طائل الذل والكبت والفقر, ولكننا لن نهرب من الدب لنقع في الجب.
كفاكم متاجرة بدماء العرب وعودوا إلى بلادكم، ولا تنسوا أنكم أنتم من ساعد على إقامة دولة إسرائيل، عندما كان العرب يضحون بدمائهم وأرواحهم في مصر وسوريا وفلسطين، كنتم أنتم خير الحليف لإسرائيل. وأنتم الآن تتطاولون على مصر وتمحون تاريخ هذا الشعب العريق, وتتباهون بالفوز على إسرائيل، وتناسيتم أنكم دمرتم لبنان وبنيته التحتية، بينما الاقتصاد الإسرائيلي يخرج من كل حرب أقوى من قبل، لينشئ الشوارع والجسور والأنفاق والبنى التحتية. تتباهون أنكم أخفتم الإسرائيليين وأرعبتموهم وأرغمتموهم على النزوح، ولو لبضعة أسابيع، ليعودوا بعدها ويتلقون المنح والمساعدات لإعادة خسائرهم، بينما الآلاف من الشهداء والمشردين في لبنان لا يدخلون في حساباتكم. أي نصر هذا الذي تتكلمون عنه, إذا استقال بعض المسؤولين الإسرائيليون (لأن لديهم الشجاعة للنقد الذاتي، بينما حكامنا ينعمون بجلود كجلود الفيلة)، فهذا لحسابات عندهم لا تهمنا، فمن لا يصدق عينه وعقله فلا يلوم إلا نفسه.
لا يجوز للفلسطينيين اليوم الوقوع في فخ جديد, فبعد محادثات أوسلوا واستقطاب كل القادة الفلسطينيين إلى الضفة وغزة، ثم تصفيتهم عن بكرة أبيهم، لم يعد لهذا الشعب رأس يديره سوى الخونة، الذين نجوا من بطش إسرائيل، ويتاجرون الآن بأرواح البسطاء من الشعب الفلسطيني. فمنهم من يتلقى أمواله وتدريب كوادره من أمريكا وإسرائيل، ومنهم من يتاجر بالباطون لبناء جدار الفصل العنصري والمستوطنات، وآخرون يزورون إيران ويعودن محملين بشنط الدولارات من الفرس، ليكونوا هنا أداة بيدهم في مخططهم. وكما يقول المثل "اطعم الفم بتستحي العين"، والمستور أعظم. وها هو الشعب الفلسطيني يدفع الثمن الغالي من الاقتتال الداخلي والانقسام إلى ما وصلنا إليه اليوم في غزة، ولن يستطيع احد مساعدته إلا إذا تخلص من هؤلاء المتاجرين على ظهره، إن كانوا من فتح أو حماس.

سعيد ابو صالح: golaner@gmail.com